يعتبر كل من السمنة و اختلال وظيفة الغدة الدرقية موضوعين هامين وثيقي الصلة، حيث أنهما يؤثران بشكل كبير في صحة الفرد. فالغدة الدرقية هي غدة صماء على شكل فراشة تقع في قاعدة العنق، يتمثل دورها في إنتاج هرمونات مهمة لتنظيم التمثيل الغذائي والحفاظ على وزن الجسم. إلا أنه في حال تعطل عملها يمكن لها أن تؤثر على قدرة الجسم على حرق السعرات الحرارية والحفاظ على وزن صحي.
في هذا الصدد، سوف نكشف في هذا المقال على العَلاقة الرابطة بين فرط نشاط الغدة الدرقية و زيادة الوزن.
الغدة الدرقية و السمنة
السمنة هي أحد المشاكل الصحية واسعة الانتشار في جميع أنحاء العالم، إذ تؤثر على الملايين من الناس من جميع الأعمار. ترتبط هذه الحالة بزيادة خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة مثل داء السكري من النوع 2 وأمراض القلب والأوعية الدموية وبعض أنواع السرطان. على الرغم من أن العلاقة بين السمنة و اختلال وظيفة الغدة الدرقية كفرط نشاطها، هي علاقة غامضة و غير مفهومة إلى حد الآن، إلا أن العديد من الدراسات تشير إلى وجود صلة وثيقة بين هاتين الحالتين.
ذلك أن هرمونات الغدة الدرقية تساهم بشكل كبير في تنظيم التمثيل الغذائي الأساسي و يقصد به منح الطاقة اللازمة للحفاظ على الوظائف الحيوية إلى جانب دورها الأساسي في التوليد الحراري (عملية التمثيل الغذائي لإنتاج الحرارة من قبل الجسم). وبالتالي تلعب هرمونات الدرق دورًا مهمًا في التمثيل الغذائي للدهون والجلوكوز عند تناول الطعام وأكسدة الدهون.
آثار نشاط الغدة الدرقية على توزيع كتلة الدهون
يمكن أن تؤثر صحة الغدة الدرقية على توزيع الأنسجة الدهنية وكميتها الإجمالية الموجودة في أجسامنا. فمن دور هرمونات الغدة الدرقية كثلاثي يودوثيرونين (T3) وثيروكسين (T4)،أن تنظم معدل حرق الخلايا للسعرات الحرارية وإنتاج الحرارة في الجسم. وهو ما يفسر ظهور العديد من المشاكل الصحية عندما لا تعمل الغدة الدرقية بالشكل الصحيح، بما في ذلك زيادة الوزن.
قد يُظهر الأشخاص المصابون بقصور الغدة الدرقية، وهي حالة لا تنتج فيها الغدة الدرقية ما يكفي من الهرمونات، ميلًا لزيادة الوزن. ويرجع ذلك جزئيًا إلى انخفاض التمثيل الغذائي الأساسي، مما يؤدي إلى حرق أقل كمية من السعرات الحرارية في الجسم. كما تشمل الأعراض الشائعة لقصور الغدة الدرقية أيضًا التعب، الإمساك، جفاف الجلد وزيادة الحساسية للبرد.
و على عكس ذلك، يمكن أن يؤدي فرط نشاط الغدة الدرقية إلى زيادة إنتاج الهرمونات مما يتسبب في زيادة الوزن. ذلك أن هذه الهرمونات تزيد في الشهية مما يدعو إلى استهلاك أكثر طاقة وبالتالي فقدان كتلة العضلات. تشمل الأعراض الشائعة الأخرى لفرط نشاط الغدة الدرقية العصبية والتهيج والتعرق المفرط وخفقان القلب.
على الرغم من الروابط التي تجمع بين الغدة الدرقية و زيادة الوزن، فإن الآليات الدقيقة الكامنة وراء هذه العلاقة ليست بالمفهومة بالكامل. من الممكن أن تؤثر السمنة أيضًا على وظيفة الغدة الدرقية من خلال تعطيل الإشارات الهرمونية.
آثار زيادة الوزن على حالة الغدة الدرقية
إن العلاقة بين حالة قصور أو فرط نشاط الغدة الدرقية و زيادة الوزن هي علاقة ثنائية الاتجاه. ففي حين أن قصور الغدة الدرقية تؤثر على الوزن ومؤشر كتلة الجسم، فإن زيادة الوزن أو السمنة تؤثر أيضًا على وظيفة الغدة الدرقية.
في الواقع، تعد تشوهات وظائف الغدة الدرقية شائعة جدًا لدى الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن. ومع ذلك، فإن الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة مع محافظة الغدة الدرقية على وظيفتها الطبيعية يعانون بدورهم من فرط النشاط الغير طبيعي لمحور الغدة الدرقية. و هو ما يؤدي إلى ارتفاع مستويات الهرمون المحفز للغدة الدرقية أو هرمون TSH.
بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما ترتبط السمنة بمقاومة الأنسولين، والتي يمكن أن تؤثر أيضًا على وظيفة الغدة الدرقية. حيث تعطل مقاومة الأنسولين قدرة هرمون الغدة الدرقية على دخول الخلايا وممارسة تأثيره الأيضي.
في الختام، يمكن اعتبار السمنة أحد اكثر العوامل خطورة على صحة الفرد و المتسببة بشكل أساسي في اختلال وظيفة الغدة الدرقية. فغالبًا ما يعاني الأشخاص البدينون من مستويات منخفضة من T3 ومستويات عالية من TSH، ما ينجر عنه زيادة في الوزن و مضاعفات صحية.
لذلك من المهم الحفاظ على وزن صحي ومراقبة وظيفة الغدة الدرقية بانتظام لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة. كما قد يتدخل أخصائيو الرعاية الصحية أيضًا لوصف بعض الأدوية الضرورية و المساعدة على علاج نشاط الغدة الدرقية عند هؤلاء الأشخاص.
